الخميس، 12 يونيو 2008

تناقضات العهد القديم

تناقضات العهد القديم

التناسق الداخلي شرط لا يختلف العقلاء على لزوم اشتراطه في توثيق نسبة أي كتاب إلى الله عز وجل، فالكتاب الذي يكذِّب بعضه بعضاً، لا يمكن اعتباره كتاباً مقدساً، كما لا يمكن اعتبار بقيته مقدساً، إذ وجود الكذب في بعضه يطرح الشك في مصدره الكاذب. * أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) (النساء: 82).
ولوجود التناقضات في الكتاب المقدس دلالات كثيرة أهمها: أنه يثبت أن هذه الأسفار بشرية في مصدرها، فقد وقع كُتّابها فيما يقع فيه البشر الضعفاء الذين يتوقع منهم الجهل، ولو كانت هذه الأسفار ملهمة من قبل الله لما خالف كُتابها بعضَهم فيما أوردوه من معلومات تاريخية وغيرها.
ووقوع الخطأ من أحد المتناقضين من كُتَّاب التوراة في قضايا بسيطة يسهل حفظها والتمكن منها يشير إلى إمكانية بل تحقق وقوع مثله في المسائل اللاهوتية والغيبية التي تحتاج إلى مزيد من العناية والتدقيق.
وهذه التناقضات التي نسوقها، معظمها توصلنا إليه من خلال دراسة أجزاء تم إعادة كتابتها ثانية من قبل كتاب الأسفار، ولو كتبت بقية الأجزاء ثانية لوقفنا على تناقضات تطال كل صفحة من صفحات هذا الكتاب الذي يدعي البعض أنه مقدس.
والتناقضات التوراتية كثيرة، ومنها ما هو متعلق بأصول المعتقد، ومنها ما هو متعلق بصفات الله عز وجل، فالأسفار التوراتية تصف الله بالصفة ونقيضها.
فتذكر التوراة أن الله " إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض، لا يكل ولا يعيا " (إشعيا 40/28)، وهو حق ولا ريب، لكنه يناقض ما ورد في مواضع أخرى زعمت أن الله يحتاج للاستراحة التي لا غناء للمتعب عنها بعد طول العمل والعناء، فبعد أن خلق الله السماوات والأرض تزعم الأسفار - كذباً - أنه استراح، فتقول: " فرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح " (التكوين 2/1)، ونحوه في سفر الخروج " في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض، وفي اليوم السابع استراح وتنفّس" (الخروج 31/17).
وتحدثنا التوراة عن الله العظيم العليم، فتذكر أنه ليس كمثل البشر وضعفهم، فهو لا يندم ولا يكذب، فتقول: " ليس الله إنساناً فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم، هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي؟" (العدد 23/19)، فالندم صفة الإنسان الجهول بعواقب الأمور "نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم، لأنه ليس إنساناً ليندم" (صموئيل (1) 15/29).
ولكن التوراة تناقض ذلك فتنسب إلى الله الندم على أمور صنعها، ومن ذلك ندمه على اختيار شاول لملك بني إسرائيل، حيث يقول: " ندمت على أني جعلت شاول ملكاً، لأنه رجع من ورائي، ولم يقم كلامي " (صموئيل (1) 15/10 )، فهل الله يندم أم لا؟.
وتذكر التوراة أن الله لا يرى " حقاً أنت إله محتجب، يا إله إسرائيل " ( إشعيا 45/15)، والإنسان لا يقدر على رؤيته، فقد قال الله لموسى: " لا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش " ( الخروج 33/19 - 20).
لكن الأسفار التوراتية تذكر كثيرين رأوا الله، منهم شيوخ بني إسرائيل " لما صعد موسى وهارون وناراب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل رأوا إله إسرائيل" ( الخروج 24/9)، ومنهم يعقوب فقد رآه حين صارعه " فدعا يعقوب اسم المكان: " فينئيل " قائلاً : لأني نظرت الله وجهاً لوجه، ونجيت نفسي " ( التكوين 32/30 ).
وقد يزعم البعض أن الذين رأوا الله رأوه حال تجسده، ولم يروه على هيئته وفي صورة مجده، ويرون أن المنفي رؤيته هو الله في مجده، وهذا التفريق لا دليل عليه، وتدحضه النصوص التي تحدثت عن أناس رأوا الله في صورة مجده .
منهم إشعيا حيث يقول: "في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل، السرافيم واقفون فوقه، لكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهه، وباثنين يغطي رجليه، وباثنين يطير .. فقلت: ويل لي، إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عينيّ قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إليّ واحد من السرافيم، وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمي، وقال: إن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك" (إشعيا 6/1-7)، فقد رأى الله على عرشه وحوله الملائكة، وخاف على نفسه الموت، لأنه رأى الله الذي توعدت النصوص من يراه بالموت.
ومثله ما جاء في سفر الملوك عن رؤية النبي ميخا لله، حيث يقول: "قد رأيت الرب جالساً على كرسيه، وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره ... " (الملوك (1) 22/19). فميخا حسب النص يرى الله في السماء على كرسيه، وهو بين ملائكته، فهو ليس متجسداً
ولكن في سفر التكوين تنقضه، فتجعله جاهلاً ببعض صنائع عباده، إذ لما اختبأ آدم في الجنة بحث عنه الإله " فدعا الربُ الإلهُ آدمَ وقال له: أين أنت؟" ( التكوين 3/9 )، ثم لم يعرف أن آدم أكل من الشجرة وصار عارفاً للخير من الشر، وأنه قد أدرك سوءة العري، فقال له: " من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟" (التكوين 3/11).
وكذا لما بدأ أهل بابل ببناء مدينتهم وبرجهم، أراد الرب - تعالى عن ذلك - أن يعرف ماذا يصنعون " فنزل الرب لينظر المدينة والبرج الذي كان يبتنيه بنو آدم...وقال الرب هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل، والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه" ( التكوين 11/5-6 )، فكأنه خشي من اجتماع بني آدم وما يمكن أن ينتج عنه، فقال: "هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض، فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض، فكفّوا عن بنيان المدينة" (التكوين 11/7).
- ومن التناقض أيضاً تناقض الأسفار في مسألة وراثة الذنب، ففي سفر الخروج ذكر أن الرب "مفتقد إثم الآباء في الأبناء، وفي أبناء الأبناء، في الجيل الثالث والرابع " ( التثنية 34/7 ) فالأبناء يعاقبون بجريرة آبائهم. وفي سفر حزقيال كذب ذلك فقال: " الابن لا يحمل من إثم أبيه، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون" ( حزقيال 18/20 ).
وفي سفر حزقيال ينعي الرب على بني إسرائيل أنهم تركوا شريعتهم وعملوا بشرائع الأمم المجاورة، فيقول: " أنا الرب الذي لم تسلكوا في فرائضه، ولم تعملوا بأحكامه، بل عملتم حسب أحكام الأمم الذين حولكم " ( حزقيال 11/12 )، ولكنه ينقضه السفر نفسه، حين يذكر أنهم لم يعملوا بشرائع الله ولا بشرائع الأمم الذين حولهم، فيقول: " لم تسلكوا في فرائضي، ولم تعملوا حسب أحكامي، ولا عملتم حسب أحكام الأمم التي حواليكم " ( حزقيال 5/7 )، فهل عملوا وفق أحكام الأمم المجاورة أم لم يعملوا؟
- ومن التناقضات الغريبة ما ورد في آخر سفر صموئيل الأول وأول سفر صموئيل الثاني، حيث يتحدث السفران عن نهايتين مختلفتين للملك شاول، فيقول السفر الأول بموته منتحراً بسيفه، فقد جاء فيه: "فقال شاول لحامل سلاحه: استل سيفك واطعنّي به، لئلا يأتي هؤلاء الغلف ويطعنوني ويقبحوني، فلم يشأ حامل سلاحه، لأنه خاف جداً، فأخذ شاول السيف، وسقط عليه، ولما رأى حامل سلاحه أنه قد مات شاول، سقط هو أيضاً على سيفه ومات معه" (صموئيل (1)31/4-5).
ولكن لو ألقى القارئ ببصره إلى الصفحة التالية فإنه واجد أن شاول مات بيد رجل من العماليق وأن داود قتله انتقاماً لشاول مسيح الرب، حيث يقول السفر الثاني: "فقال الغلام الذي أخبره: اتفق أني كنت في جبل جلبوع، وإذا شاول يتوكأ على رمحه، وإذا بالمركبات والفرسان يشدّون وراءه، فالتفت إلى ورائه، فرآني، ودعاني فقلت: ها أنذا، فقال لي: من أنت؟ فقلت له: عماليقي أنا. فقال لي: قف عليّ واقتلني، لأنه قد اعتراني الدوار، لأن كل نفسي بعد فيّ. فوقفت عليه، وقتلته، لأني علمت أنه لا يعيش بعد سقوطه، وأخذت الإكليل الذي على رأسه والسوار الذي على ذراعه، وأتيت بهما إلى سيدي ههنا" (صموئيل (2) 1/6-10)، فهل قتل شاول نفسه أم قتله الرجل العماليقي؟ وما سبب ورود الطريقتين معاً في الكتاب؟
لكن علماء الكتاب المقدس لن يرضيهم مثل هذا الحل على بساطته، فلجؤوا إلى حلول متناقضة زادت المسالة تعقيداً ، تنقلها إلينا موسوعة دائرة المعارف الكتابية، فتقول: " وهناك جملة افتراضات لحل هذه المسألة:
افتراض وجود جبارين باسم جليات ، أحدهما قتله داود ، والثاني قتله ألحانان .
أو افتراض أن "جليات" كان لقباً لطائفة من الجبابرة.
الزعم بأن كلمة "أخ" سقطت من سفر صموئيل .
الزعم بأن كاتب سفر الأخبار أضاف كلمة "أخ" لحل المشكلة.
يزعم ايوالد وكنيدي أن القصة كانت أصلاً عن ألحانان، ثم نسبت إلى داود ، أما من قتله داود فجبار مجهول الاسم [وإليه يميل محققو الرهبانية اليسوعية، وأن اسم جوليات قد أضيف على سفر صموئيل].
ذكر جيروم والترجوم العبري - بناء على تقليد قديم - أن داود وألحانان اسمان لشخص واحد".
وهكذا تختلف الحلول وتتضارب، إلا أنها تبقى شاهدة على أن هذا التناقض ليس من كلام الله.
- وتناقض الكتاب في مسألة قتل شاول وجليات لن يكون أشد غرابة مما جاء به سفر الأمثال، إذ يوصي في فقرة واحدة بوصيتين متناقضتين، في أولاهما يدعو لعدم مقابلة الجاهل حسب حماقته، ثم يعود ليدعو إلى مقابلة الجاهل حسب حماقته، ليترك للقارئ دهشاً لا يدري بأي الوصيتين يعمل، يقول السفر: " لا تجاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا تعدله أنت، جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً في عيني نفسه" (الأمثال 26/4-5)، فكيف يقابل أولئك الذين يهتدون بهدي الكتاب حماقة الجاهل؟
- ومن التناقضات التي وقع فيها كُتَّاب التوراة أنه جاء في سفر الملوك أن الله وعد داود فقال: "ويكون لداود ونسله وبيته وكرسيه سلام إلى الأبد" ( الملوك (1) 2/33).
ويذكر سفر الملوك أن لسليمان أربعين ألف إصطبل لخيوله، فيقول: "وكان لسليمان أربعون ألف مذود لخيل مركباته، واثنا عشر ألف فارس " (الملوك (1) 4/26 ).
وهذا الرقم كبير جداً، خاصة مع صغر أورشليم زمن سليمان عليه السلام، وهو على كل حال مناقض لما جاء في سفر الأيام، وفيه " كان لسليمان أربعة ألاف مذود خيل ومركبات، واثنا عشر ألف فارس " ( الأيام (2) 9/25 ).
ويحاول القس استانلي شوبرج كبير قساوسة السويد إزالة هذا التناقض في مناظرته مع العلامة ديدات، فيقول في محاولة يائسة منه تدعو للضحك: " إن هذا يبرهن على بركة الله، في البداية كان عند سليمان أربعة آلاف مذود، زادت إلى أربعين ألف مذود بانتهاء العام ". (1)
- وتتحدث الأسفار عن غنائم داود التي غنمها من ملك صوبة، فيقول سفر صموئيل: "وضرب داود هدد عزر بن رحوب ملك صوبة حين ذهب ليرد سلطته عند نهر الفرات، فأخذ داود منه ألفاً وسبع مائة فارس، وعشرين ألف راجل، وعرقب داود جميع خيل المركبات، وأبقى منها مائة مركبة" (صموئيل (2) 8/3-4)، فقد أخذ منه 1700 فارس، سوى ما أخذه من راجلته.
وهذه الأرقام لا تتفق مع الأرقام التي ذكرها سفر الأيام، حين جعل الفرسان المأسورين 7000 فارس، عدا ما أخذه من راجلته، فقال: "وضرب داودُ هدر عزر ملك صوبة في حماة حين ذهب ليقيم سلطته عند نهر الفرات، وأخذ داود منه ألف مركبة وسبعة آلاف فارس، وعشرين ألف راجل، وعرقب داود كل خيل المركبات، وأبقى منها مائة مركبة" (الأيام (1) 18/3-4).
- ويقص سفر صموئيل عن حرب أرام مع بني إسرائيل، فيقول: " وقتل داود من أرام سبعمائة مركبة، وأربعين ألف فارس " ( صموئيل (2) 10/18 ).
ثم أعادت الأسفار ذكر حرب إسرائيل مع أرام فقال كاتب سفر الأيام: " وهرب أرام من أمام إسرائيل، وقتل داود من أرام سبعة آلاف مركبة وأربعين ألف راجل " (الأيام (1) 19/18 ).

المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات

 المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات وأول المسائل المسكتات أنا نسأل النصارى عن هذ ا التوحيد ) 1 ( الذي شرحته والإيمان الذي وصفته ، ه...